الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب : الشيخ الأجنبى .. ” سره باتع ” !!
التكالب الحكومى والتهافت على إستجداء الاستثمار الأجنبى لضخ رؤوس أمواله فى مصر جعلنى أتذكر المثل الشعبى القديم " الشيخ البعيد سره باتع " ، وهو من الأمثال الشعبية الشائعة التى تعنى أن الكثيرين منا يفضلون الأجنبى عن ابن الوطن فى معظم الأحوال .. لمن هذه الحالات خرج هذا المثل وغيره مثل " زمار الحى لا يطرب " وهو بمعنى أننا نرى أن الشخص الذى يأتينا من بلاد الغرب أفضل من ابن البلد وهؤلاء يضعون المبررات لذلك ، مثل الخبرة والتطور والإطلاع على أحدث أساليب العلم والتكنولوجيا وأصبح من التراث الشعبى للأمثلة فى مصر.
ومثل هذه الأمثلة تنطبق تماماً على حال الحكومة حيث خرج علينا الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بالعديد من التصريحات خلال لقاءاته المتعددة خلال الأيام القليلة الماضية ومجموعة الوزراء المرافقون المشاركون مؤتمر المنتدى الإقتصادى العالمى ٢٠٢٥ الذى يختتم أعماله اليوم فى مدينة دافوس بسويسرا والذى حضره رئيس الوزراء نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى.
العديد من التصريحات للدكتور مصطفى مدبولى تتعلق بفتح الأبواب أمام الشركات الأجنبية وبخاصة الشركات الأوروبية من أجل الإستثمار فى مصر خاصة فى ظل التسهيلات التى تقدمها الحكومة للمستثمرين الأجانب والتى تحفزهم على ضخ رؤوس أموالهم فى مصر.
يحدث فى الوقت الذى تخلت فيه الحكومة عن المستثمرين المحليين أصحاب رؤوس الأموال الوطنية والذين يواجهون مشاكل وأزمات طاحنة جعلت العديد منهم يغلق أبواب مصانعه ويتوقف عن ممارسة نشاطه حيث تشير الإحصاءات أن عدد المصانع الوطنية الخاصة التى خرجت تماما من السوق بتجاوز عشرة آلاف مصنع أما عدد المصانع المتوقفة حسب تصريحات الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة بيلغ حاليا نحو ٥٨٠٠ مصنع ، وفى الوقت نفسه يبلغ عدد المصانع المتعثرة نحو ٥٥٠٠ ألف مصنع.
ألا يدرك الدكتور مصطفى مدبولى أن الأزمات تلاحق المستثمرين الوطنيين وكان آخرهم مصنعى المناطق الصناعية بمحافظة القليوبية والذين عرضوا مشكلاتهم مؤخرا على الفريق كامل المهندس وزير الصناعة والذى بالحل الفورى لهذه التحديات التي تواجه هؤلاء المستثمرين ووجه الدعوة للمصنعين أصحاب المشكلات المرتبطة بالوزارات والهيئات أعضاء المجموعة الوزارية لحضور الإجتماع السادس عشر لعرض مشكلاتهم على المجموعة مع العمل على إقرار تسهيلات فى الإفراج الجمركى عن السلع والبصائع الموجودة فى الموانئ.
أحوال أصحاب رؤوس الأموال الوطنية يواجهون أزمات عديدة منها على سبيل المثال حالة الغزو الصينى للأسواق المحلية حيث إنتشرت المنتجات الصينية المسربة إلى داخل الأسواق والتى تطرح منتجات بأسعار منخفضة قياسا بنفس المنتجات المصنعة محليا دون تواجه الحكومة هذا الأمر ولم تقم بفرض أى رسوم إغراق على المنتجات الصينية التى دخلت البلاد عن طريق التهريب خاصة منتجات الأستانلس والألومنيوم والملابس الجاهزة والأجهزة المنزلية الصغيرة وهو الأمر الذى أدى إلى توقف العديد من الشركات الوطنية العاملة فى هذه الأنشطة وتشريد الآلاف من العمال ووقفت حكومة مدبولى مكتوفة الأيدى ولم تحرك ساكنا أمام هذه الكوارث التى تقع على كاهل المصنعين.
وقد يعتقد البعض أن الحكومة تسير فى هذا الإتجاه وتكتفى بدور السمسار الذى يوفر المشروعات للغير بسبب عدم توافر أموال لديها لتقوم هى نفسها بإنشاء تلك المشروعات فهذا غير صحيح مطلقا حيث أن موارد الدولة كبيرة للغاية ولكنها تنفق بشكل غير سليم فضلا عن أن الأموال راكدة فى البنوك التى وصل حجم الودائع بها إلى نحو ٦ تريليون جنيه فلا توجد أى معوقات مالية ولكنها حكومة ترغب فى التخلى عن أى مسئولية بدليل تفريطها الغريب فى العديد من الصروح الوطنية العملاقة من الشركات الوطنية الكبرى.
ومن وقت لآخر يخرج علينا الدكتور مصطفى مدبولى وبعض وزرائه بتصريحات حول أن مصر تتطلع إلى أن مركز توطين للصناعات الأوروبية وغيرها علما بأن توطين الصناعة فى الأساس يلعب دوراً فعالًا فى تحقيق التنمية ودفع عجلة الاقتصاد إلى الامام و هو إحياء وتشجيع الصناعة الوطنية التى اندثرت والعمل على تطويرها من أجل النهوض بها مرة أخرى ولتحظى بمكانة مرموقة تؤهلها على المنافسة في الأسواق ، إذا فإن التوطين هذا يعنى الإعتماد على رؤوس الأموال الوطنية غير أن المسئولين فى الحكومة يبدو أنهم حريصون على الصناعة الأجنبية التى إندثرت فى أوروبا وأصبح تحظرها الحكومات الأوروبية مثل صناعة الأسمنت ويرغب فى إعادة إحياؤها !!.
كما أشار الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء خلال لقاءاته على هامش منتدى دافوس مع العديد من مسئولى الشركات والمؤسسات الكبرى أن مصر تسعى للاستفادة من الخبرات الأوروبية فى العديد من الأمور الإقتصادية كما لو أن مصر عقمت عن إنجاب خبراء وكفاءات فى مختلف المجالات قادرة على النهوض بشتى المجالات وأن أولادها من العلماء الذين يعملون فى مختلف المراكز العلمية المتخصصة فى مختلف المجالات بل ويتبوأون مناصب عليا بها تقدر أعدادهم بنحو ٨٦٠ ألف عالم طبقا لإحصائية الأمم المتحدة.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى