عبدالرحمن سمير يكتب...سلطان العلماء
ماذا تقول لربك غدا يا نجم الدين ؟!هكذا صدع بها سلطان العلماء العز بن عبدالسلام حين واجه نجم الدين أمام مماليكه وحاشيته وجنوده لا يخشى فى الله لومة لائم فيرد عليه السلطان نجم الدين هذه الحانات التى تبيع الخمر موجودة منذ زمن أبيه السلطان الكامل فيسأله العز هل أنت ممن قال فيهم الله (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ) ؟ ولم يستطع نجم الدين الرد ونزل سلطان مصر على رأى وفتوى العز بن عبدالسلام فى ضرورة منع الخمور فى عموم البلاد .قال له تلميذه يا مولاى العز ألم تخش من صولة وغضب السلطان وهو بين حاشيته ومماليكه فرد عليه العز بن عبدالسلام (والله عندما استحضرت عظمة الله صغر أمامى أى شي آخر) . شخصية العز بن عبدالسلام شخصية فريدة من نوعها لا مثيل لها ولا يمكن مقارنة مواقفه بأى عالم آخر فى زمانه أو حتى الأزمنة التالية ، فقد جاهد ضد سلاطين وحكام عصره لا يخشى إلا الله كما جاهد ضد التتار وهو الشيخ الكبير الطاعن في السن لكن قلبه يمتلئ بالشباب والقوة .مواقفه كثيرة وكلها تُنبئ عن شخصية عصية على الاحتواء من حكام عصره . عندما كان العز فى دمشق ورأى دخول الفرنج المدينة وبيع السلاح لهم لم يسكت أو يهادن بل صدع بالحق وأفتى من على منبر الجامع الكبير في دمشق أن من يبيع السلاح للفرنج خارج عن الملة مفارق للجماعة وهذه الفتوى موجهة ضد الصالح إسماعيل سلطان دمشق فى ذلك الوقت لأنه سمح بدخول الفرنج للمدينة ، وبيع السلاح لهم حتى أنه أسقط الدعاء للصالح إسماعيل فى خطبة الجمعة ولم يخش أن تطير رأسه أو يقبض عليه وفعلا تم القبض عليه ولكن خوفا من كثرة تلاميذه ومحبيه تم الإفراج عنه و نفيه خارج دمشق .وكانت أقوى فتوى للعز بن عبدالسلام وأخطرها وأعظمها على الإطلاق من وجهة نظر بعض المؤرخين عندما أفتى بوجوب بيع أمراء المماليك وهم أمراء مصر فى ذلك الوقت وأركان دولة الصالح نجم الدين أيوب ورد اموال بيعهم إلى بيت مال المسلمين . وثار عليه المماليك واتفق بعضهم على قتله لكن الله نجاه من غدرهم . وهنا لم يستطع نجم الدين حاكم مصر أن يقبل بتلك الفتوى ويغضب امراءه ومماليكه وقادة جيشه.كان من الطبيعى لأى عالم أخر أن يسكت خاصة أنه قام بواجبه وافتى بالحق ولا يضره عدم تنفيذ نجم الدين لتلك الفتوى، لكن شخصية العز بن عبدالسلام لا تقبل المهادنة فى الحق أو السكوت على باطل مهما كان .قام الرجل بحمل أمتعته وأخذ أهله ليخرج من مصر لا يعلم أى بلد سينزل بها .ويعلم السلطان نجم الدين بهذا الأمر وقيل له أن خروج العز من مصر نذير شؤم عليه وعلى ملكه .فيسرع نجم الدين ليلحق به قبل خروجه من مصر ويعتذر له بل وينفذ فتواه ويتم بيع المماليك ورد تلك الأموال إلى بيت المال.عندما مات العز بن عبدالسلام بكاه السلطان بيبرس بشدة وصمم ان يحمل نعشه بنفسه اجلالا له وعرفانا بمكانته ورغم ذلك قال بيبرس الان استقر ملكى .لله درك ايها الشيخ الجليل . اخفت حكام عصرك وهابوك حيا وميتا