المفكر العربي علي محمد الشرفاء يكتب.. الله ورسوله أعلم
كيف إذا كان الرسول عليه السلام في حياته قد عرف نفسه لقومه بأنه لا يعلم الغيب، في مخاطبة الله له سبحانه : (قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (الاعراف -١٨٨)
تلك هي قدرات الرسول كما أمره الله سبحانه بأن يعرف عن نفسه للناس ، فكيف يخالف المسلمون أمر الله وقول رسولهم عن نفسه، ويصرون حتى بعد وفاته بأن الله ورسوله أعلم فكيف يعلم من وافاه الأجل وتحول الى تراب كبقية البشر من خلق الله، وقد خاطبه الله سبحانه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف -١١٠)
فإذا كانت تلك الايات تبين للناس ما نطق به الرسول عليه السلام تكليفاً من ربه، ليبلغ الناس بأنه لا يعلم الغيب، وأنه بشر ممن خلق، وأن مرجعيته لله ، والناس جميعاً يرجعون إلى الله فلا شريك لله من البشر رسولاً أو نبياً ، وكل الناس سيقفون أمام الله سبحانه, كل يحمل كتابه، وكل نفس تجازى بما كسبت، لن ينفعهم الرسل أو الأنبياء ، بل كل إنسان سيقف أمام الله يوم الحساب، كما قال الله سبحانه ؛ (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا) (الاسراء -١٣)
والحكم يومئذ لله، وكل نفس تجازى بما كسبت، بما عملت في الحياة الدنيا حين يصف الله سبحانه المشهد العظيم عند الحساب بقوله (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (الزمر :٦٩)
وكل إنسان يفتري على الرسول الأمين ويزور عليه أقوالا كاذبة، ويحاول أن يجعل الرسول نداً لله، فقد أشرك بالله وسوف يلقى حساباً عسيرا يوم الحساب، وسيكون موقفه كما قال الله سبحانه ؛ (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (البقرة -١٥٩).
لايجوز أن يقال الله ورسوله اعلم، كما سبق ان أكدت الاية أن الرسول لا يعلم الغيب، وأن العلم كله عند الله، ولذلك نقول ( الله وحده سبحانه يعلم) فقط حتى لا نفتري على الرسول الأمين والمغالاة في صفاته وقدراته ، فالله وحده يعلم الغيب، ويعلم ما في السماوات وما في الأرض وهو بكل شيء عليم.
فلقد أدى الأمانة عليه السلام بما كلفه ربه بتبليغ رسالة الله للناس في كتاب مبين ، ليهديهم الصراط المستقيم، وفي حجة الوداع بين للناس عليه السلام بما نطق به عن ربه في قوله ؛ ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) ( المائدة-6) حينها انتهت مهمته عليه السلام باستكمال آيات الذكر الحكيم التي ستظل تبين للناس طريق الحق المستقيم حتى قيام الساعة.
كاتب المقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء